العارف بالله ( قصة قصيرة ) بيت جدتي الأيل للسقوط كان شامخا حينها ، ملاصقاً لشريط السكة الحديد الانجليزي ، في ونس سيدي العارف بالله ، القضبان تجلجل وتصهلل من الفرحة لما يرجع خالي من السودان محملاً بزكائب الفول السوداني والكركديه الأسواني ، والبهارات الحارة بطعم الجنوب ، وكتبه المزينة بالحروف الانجليزي ، الآن أتذكر جيدا أن القضبان نفسها كانت تصدر صريرًا وعواءًا حين ماتت جدتي ابنة التسعين عاماً دراويش العارف بالله ، السبح والمصاحف والبخور ، الأفاقين والنشالين ، خدام مدارس الأحد بياقاتهم المنشاة البيضاء في طريقهم لكنيسة الست العدرا ، قهوة جراند أوتيل ، العجائز بطرابيشهم الحمراء وهم يتبادلون رمي زهر النرد والنكات البذيئة ، فوق الطاولات البالية بفعل أجسادهم التي شاخت بفعل الانتظار ، السجن العمومي ، عساكر الأبراج وهم يتممون أعدادهم في وردية المساء ، واحد .... أتنين ... ثلاثة... ثم يتلاشي النطق الصحيح للأرقام علي طريقة إسماعيل يس في البحرية (بررلم ) أتراهم كانوا يفتعلونها حينها من باب الدعابات اليومية الساذجة كي ما يقتلون ليلة خدمة شاقة في حراسة مساجين ليست لديهم الق...